في إنجاز أكاديمي يسلّط الضوء على عمق الإرث الحضاري للعراق، تمكّن الدكتور أنمار عبد الإله فاضل، التدريسي والباحث في لغات وحضارة العراق القديم في كلية الآداب بجامعة بغداد، من فكّ شفرة نشيد بابلي قديم ظلّ غامضاً وصامتاً لقرون.
النشيد، الذي يمجّد الإله البابلي القومي “مردوخ”، كان عبارة عن شذرات طينية ممزقة كُتبت بلغة أدبية معقدة، وقد استُخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة لإعادة قراءة الأسطر المفقودة وتركيب معانيه الرمزية بدقة غير مسبوقة.
وتكشف الترجمات أن النشيد يصوّر “مردوخ” بوصفه خالقًا ومنقذًا للكون، وإلهًا للعدالة والرحمة، وقائدًا منتصرًا في معركة الخلق ضد قوى الفوضى والعدم ، ويُعدّ النص المسماري الوحيد حتى الآن الذي يصف الطبيعة الخلابة لمدينة بابل، ودور نهر الفرات في جلب خيراتها، إضافةً إلى إبراز قيم العدل والرحمة والكرم التي كانت سائدة بين البابليين، والاعتزاز بحريتهم وكرامتهم.
وقد تحقق هذا الإنجاز العلمي بجهود مشتركة بين الدكتور أنمار عبدالإله والباحث الإسباني إنريكي خيمينيز من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ، باستخدام منصة “المكتبة البابلية الإلكترونية” المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي أسهمت في إكمال مقاطع متعددة من هذه الأنشودة المكتوبة باللغة البابلية.
وحظي هذا الاكتشاف بإشادة دولية واسعة، كونه يمثل نقلة نوعية في مجال الدراسات المسمارية، ويسهم في إغناء الفهم حول الدين والأدب البابلي، ومفاهيم التنظيم الكوني في حضارات وادي الرافدين.
هذا الإنجاز الفريد يعكس الدور الريادي لجامعة بغداد في صون التراث العراقي وتحقيق الريادة العلمية، ويشكّل إضافة نوعية إلى الدراسات البابلية على المستويين المحلي والدولي.
يحقق هذا الإنجاز هدفين من أهداف التنمية المستدامة المتمثلة في الهدف الرابع الذي يدعو إلى التعليم الجيد فضلا عن الهدف السابع عشر الشراكة من أجل تحقيق الأهداف .

